کد مطلب:109946 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:151

خطبه 228-در توحید











ومن خطبة له علیه السلام

فی التوحید وتجمع هذه الخطبة من أصول العلوم ما لا تجمعه خطبة

مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَیَّفَهُ، وَلاَ حَقِیقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ، وَلاَ إِیَّاهُ عَنَی مَنْ شَبَّهَهُ، وَلاَ صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَیْهِ وَتَوَهَّمَهُ. كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَُصْنُوعٌ، وَكُلُّ قَائِمٍ فِی سِوَاهُ مَعْلُولٌ. فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَابِ آلَةٍ، مُقَدِّرٌ لاَ بِجَوْلِ فِكْرَةٍ، غَنِیٌّ لاَ بِاسْتِفَادَةٍ. لاَ تَصْحَبُهُ الْأُوْقَاتُ، وَلاَ تَرْفِدُهُ الْأَدَوَاتُ، سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَالْعَدَمَ وُجُودُهُ، وَالْإِبْتِدَاءَ أَزَلُهُ. بِتَشْعِیرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ، وَبِمُضَادَّتِهِ بَیْنَ الْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَیْنَ الْأَشْیَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِینَ لَهُ. ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَالْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ، وَالْجُمُودَ بِالْبَلَلِ، وَالْحَرُورَ بِالصَّرَدِ. مُؤَلِّفٌ بَیْنَ مُتَعَادِیَاتِهَا، مُقَارِنٌ بَیْنَ مُتَبَایِنَاتِهَا، مُقَرِّبٌ بَیْنَ مُتَبَاعِداتِهَا، مُفَرِّقٌ بَیْنَ مُتَدَانِیَاتِهَا. لاَ یُشْمَلُ بِحَدٍّ، وَلاَ یُحْسَبُ بِعَدٍّ، وَإِنَّمَا تَحُدُّ الْأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا، وَتُشِیرُ الْآلَاتُ إِلَی نَظَائِرِهَا، مَنَعَتْهَا «مُنْذُ» الْقِدْمَةَ، وَحَمَتْهَا «قَدُ» الْأَزَلِیَّةَ، وَجَنَّبَتْهَا «لَوْلاَ» التَّكْمِلَةَ ! بِهَا تَجَلَّی صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ، وَبِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُیُونِ. لاَ یَجْرِی عَلَیْهِ السُّكُونُ وَالْحَرَكَةُ، وَكَیْفَ یَجْرِی عَلَیْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ، وَیَعُودُ فِیهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ، وَیَحْدُثُ فِیهِ مَا هُوَ أَحْدَثَةُ! إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ، وَلَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ، وَلاَمْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ، وَلَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ، وَلاَلْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ. وَإِذاً لَقَامَتْ آیَةُ الْمَصْنُوعِ فِیهِ، وَلَتَحَوَّلَ دَلِیلاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولاً عَلَیْهِ، وَخَرَجَ بِسُلْطَانِ الْإِمْتِنَاعِ مِنْ أَنْ یُؤَثِّرَ فِیهِ مَا یُؤثِّرُ فِی غَیْرِهِ. الَّذِی لاَ یَحُولُ وَلاَ یَزُولُ، وَلاَ یَجُوزُ عَلَیْهِ الْأُفُولُ. لَمْ یَلِدْ فَیَكُونَ مَوْلُوداً، وَلَمْ یُولَدْ فَیَصِیرَ مَحْدُوداً، جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ الْأَبْنَاءِ، وَطَهُرَ عَنْ مُلاَمَسَةِ النِّسَاءِ. لاَ تَنَالُهُ الْأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ، وَلاَ تَتَوَهَّمُهُ الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ، وَلاَ تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّهُ، وَلاَ تَلْمِسُهُ الْأَیْدِی فَتَمَسَّهُ. وَلاَ یَتَغَیَّرُ بِحَالٍ، وَلاَ یَتَبَدَّلُ فِی الْأَحْوَالِ، وَلاَ تُبْلِیهِ اللَّیَالی وَالْأَیَّامُ، وَلاَ یُغَیِّرُهُ الضِّیَاءُ وَالظَّلاَمُ، وَلاَ یُوصَفُ بِشَیءٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ، وَلاَ بِالجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ، وَلاَ بِعَرَض مِنَ الْأَعْرَاضِ، وَلاَ بِالْغَیْرِیَّةِ والْأَبْعَاضِ. وَلاَ یُقَالُ: لَهُ حَدٌّ وَلاَ نِهَایَةٌ، وَلاَ انْقِطَاعٌ وَلاَ غَایَةٌ، وَلاَ أَنَّ الْأَشْیَاءَ تَحْوِیهِ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْوِیَهُ، أَوْ أَنَّ شَیْئاً یَحْمِلُهُ، فَیُمِیلَهُ أَوْ یُعَدِّلَهُ. لَیْسَ فِی الْأَشْیَاءِ بِوَالِجٍ، وَلاَ عَنْهَا بِخَارِجٍ. یُخْبِرُ لاَ بِلِسَان وَلَهَوَاتٍ، وَیَسْمَعُ لاَ بِخُروُقٍ وَأَدَوَاتٍ، یَقُولُ وَلاَ یَلْفِظُ، وَیَحْفَظُ وَلاَ یَتَحَفَّظُ، وَیُرِیدُ وَلاَ یُضْمِرُ. یُحِبُّ وَیَرْضَی مِنْ غَیْرِ رِقَّةٍ، وَیُبْغِضُ وَیَغْضَبُ مِنْ غَیْرِ مَشَقَّةٍ. یَقُولُ لِمَا أَرَادَ كَوْنَهُ: (كُنْ فَیَكُونَُ)، لاَ بِصَوْت یَقْرَعُ، وَلاَ بِنِدَاءٍ یُسْمَعُ، وَإِنَّمَا كَلاَمُهُ سُبْحَانَهُ فِعْلٌ مِنْهُ أَنْشَأَهُ وَمَثَّلَهُ، لَمْ یَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذلِكَ كَائِناً، وَلَوْ كَانَ قَدِیماً لَكَانَ إِلهاً ثَانِیاً. لاَ یُقَالُ: كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ یَكُنْ، فَتَجْرِیَ عَلَیْهِ الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ، وَلاَ یَكُونُ بَیْنَهَا وَبَیْنَهُ فَصْلٌ، وَلاَ لَهُ عَلَیْهَا فَضْلٌ، فَیَسْتَوِیَ الصَّانِعُ والْمَصْنُوعُ، وَیَتَكَافَأَ المُبْتَدَعُ وَالْبَدِیعُ. خَلَقَ الْخَلاَئِقَ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ خَلاَ مِنْ غَیْرِهِ، وَلَمْ یَسْتَعِنْ عَلَی خَلْقِهَا بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ. وَأَنْشَأَ الْأَرْضَ فَأَمْسَكَهَا مِنْ غَیْرِ اشْتِغَالٍ، وَأَرْسَاهَا عَلَی غَیْرِ قَرَارٍ، وَأَقَامَهَا بِغَیْرِ قَوَائِمَ، وَرَفَعَهَا بِغَیْرِ دَعائِمَ، وَحَصَّنَهَا مِنَ الْأَوَدَ وَالْإِعْوِجَاجِ، وَمَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ وَالْإِنْفِرَاجِ، أَرْسَی أَوْتَادَهَا، وَضَرَبَ أَسْدَادَهَا، وَاسْتَفَاضَ عُیُونَهَا، وَخَدَّ أَوْدِیَتَهَا، فَلَمْ یَهِنْ مَا بَنَاهُ، وَلاَ ضَعُفَ مَا قَوَّاهُ. هُوَ الظّاهِرُ عَلَیْهَا بِسُلْطَانِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَهُوَ الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَالْعَالی عَلَی كَلِّ شَیْءٍ مِنهَا بِجَلاَلِهِ وَعِزَّتِهِ. لاَ یُعْجِزُهُ شَیْءٌ مِنْهَا طَلَبَهُ، وَلاَ یَمْتَنِعُ عَلَیْهِ فَیَغْلِبَهُ، وَلاَ یَفُوتُهُ السَّرِیعُ مِنْهَا فَیَسْبِقَهُ، وَلاَ یَحْتَاجُ إِلَی ذِی مَال فَیَرْزُقَهُ. خَضَعَتِ الْأَشْیَاءُ لَهُ، وَذَلَّتْ مُسْتَكِینَةً لِعَظَمَتِهِ، لاَ تَسْتَطِیعُ الْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلَی غَیْرِهِ فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِهِ وَضَرِّهِ، وَلاَ كُفؤَ لَهُ فَیُكَافِئَهُ، وَلاَ نَظِیرَ لَهُ فَیُسَاوِیَهُ. هُوَ الْمُفْنِی لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، حَتَّی یَصِیرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا. وَلَیْسَ فَنَاءُ الدُّنْیَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إنْشَائِهَا وَاخْتِرَاعِهَا، وَكَیفَ وَلَوْ اجْتَمَعَ جَمِیعُ حَیَوانِهَا مِنْ طَیْرِهَا وَبَهَائِمِهَا، ومَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وَسَائِمِهَا، وَأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا وَأَجْنَاسِهَا، وَمُتَبَلِّدَةِ أُمَمِهَا وَأَكْیَاسِهَا، عَلَی إِحْدَاثِ بَعُوضَةٍ، مَا قَدَرَتْ عَلَی إِحْدَاثِهَا، وَلاَ عَرَفَتْ كَیْفَ السَّبِیلُ إِلَی إِیجَادِهَا، وَلَتَحَیَّرَتْ عُقُولُهَا فِی عِلْمِ ذلِكَ وَتاهَتْ، وَعَجِزَتْ قُوَاهَا وَتَنَاهَتْ، وَرَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِیرَةً، عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ، مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا، مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إفْنَائِهَا! وَإِنَّ الَلَّه سُبْحَانَهُ، یَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْیَا وَحْدَهُ لاَ شَیْءَ مَعَهُ، كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا، كَذلِكَ یَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا، بِلاَ وَقْتٍ وَلاَ مَكَانٍ، وَلاَ حِینٍ وَلاَ زَمَانٍ، عُدِمَتْ عِنْدَ ذلِكَ الْآجَالُ وَالْأَوْقَاتُ، وَزَالَتِ السِّنُونَ وَالسَّاعَاتُ، فَلاَ شَیْءَ إِلاَّ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الَّذِی إِلَیْهِ مَصِیرُ جَمِیعِ الْأُمُورِ، بِلاَ قُدْرَة مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا، وَبِغَیْرِ امْتِنَاع مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا، وَلَوْ قَدَرَتْ عَلَی الْإِمْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا. لَمْ یَتَكَاءَدْهُ صُنْعُ شَیْءٍ مِنْهَا إِ

ذْ صَنَعَهُ، وَلَمْ یَؤُدْهُ مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَهُ وَبَرَأَهُ وَلَمْ یُكَوِّنْهَا لِتَشْدِیدِ سُلْطَانٍ، وَلاَ لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَنُقْصَانٍ، وَلاَ لِلْإِسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَی نِدٍّ مُكَاثِرٍ، وَلاَ لِلْإِحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِر، وَلاَ لِلْإِزْدِیَادِ بِهَا فِی مُلْكِهِ، وَلاَ لِمُكَاثَرَةِ شَرِیكٍ فِی شِرْكِهِ، وَلاَ لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ یَسْتَأْنِسَ إِلَیْهَا. ثُمَّ هُوَ یُفْنِیهَا بَعْدَ تَكْوِینِهَا، لاَ لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَیْهِ فِی تَصْرِیفِهَا وَتَدْبِیرِهَا، وَلاَ لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَیْهِ، وَلاَ لِثِقَلِ شَیْءٍ مِنْهَا عَلَیْهِ. لاَ یُمِلُّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَیَدْعُوَهُ إِلَی سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا، لكِنَّهُ سُبْحَانَهُ دَبَّرَهَا بِلُطْفِهِ، وَأمسَكَهَا بِأَمْرِهِ، وَأَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِهِ. ثُمَّ یُعِیدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْهَا، وَلاَ اسْتِعَانَةٍ بَشَیْءٍ مِنْهَا عَلَیْهَا، وَلاَ لْإِنصِرَاف مِنْ حَالٍ وَحْشَةٍ إلَی حَالِ اسْتِئْنَاسٍ، وَلاَ مِنْ حَالِ جَهْلٍ وَعَمیً إِلَی حَالِ عِلْمٍ وَالِْتمَاسٍ، وَلاَ مِنْ فَقْرٍ وَحَاجَةٍ إِلَی غِنیً وَكَثْرَةٍ، وَلاَ مِنْ ذُلٍّ وَضَعَةٍ إِلَی عِزٍّ وَقُدْرَةٍ.